الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب على كل مسلم قادر جسديا وماليا مرة واحدة في حياته. في هذا المقال، سنقدم نظرة شاملة على مراحل الحج يوما بيوم لنسهل على المسلمين فهم شعائره وأدائه بالشكل الصحيح.
اليوم الأول: الثامن من ذي الحجة (يوم التروية)
يبدأ الحج في اليوم الثامن من ذي الحجة، المعروف بيوم التروية. في هذا اليوم، يتوجه الحجاج إلى منى، وهي منطقة تقع على بعد حوالي 7 كيلومترات من مكة. الحجاج يرتدون ملابس الإحرام ويدخلون في حالة من الطهارة والنية لأداء الحج. في منى، يقضي الحجاج اليوم في الصلاة والذكر، حيث يصلون الظهر، العصر، المغرب، العشاء، والفجر قصرا دون جمع.
يعتبر يوم التروية مرحلة تحضيرية، حيث يستعد الحجاج للوقوف بعرفات في اليوم التالي، وهو من أهم أركان الحج.
اليوم الثاني: التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة)
يوم عرفة هو أعظم أيام الحج وأهمها. في هذا اليوم، يتوجه الحجاج بعد صلاة الفجر إلى جبل عرفة، وهو المكان الذي يلقي فيه المسلمون دعاءهم وتضرعهم إلى الله. الوقوف في عرفة يعد من أعظم شعائر الحج، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “الحج عرفة”. يبدأ الحجاج بالوقوف بعرفة بعد زوال الشمس (وقت الظهر)، ويمتد هذا الوقوف حتى غروب الشمس.
أثناء الوقوف بعرفة، ينصح الحجاج بالإكثار من الدعاء والذكر والاستغفار، حيث يعتبر هذا اليوم من أفضل أيام السنة لاستجابة الدعاء وغفران الذنوب.
اليوم الثالث: العاشر من ذي الحجة (يوم النحر)
بعد غروب الشمس في يوم عرفة، يتوجه الحجاج إلى مزدلفة حيث يؤدون صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا. في مزدلفة، يجمع الحجاج الحصى لاستخدامها لاحقًا في رمي الجمرات. يبيت الحجاج في مزدلفة حتى الفجر.
في اليوم العاشر من ذي الحجة، والمعروف بـ يوم النحر، يبدأ الحجاج برمي جمرة العقبة الكبرى، وهي شعيرة رمزية لرجم الشيطان. بعد ذلك، يقوم الحجاج بذبح الهدي (الأضحية) ثم الحلق أو التقصير (التحلل الأصغر)، مما يعني انتهاء بعض أحكام الإحرام.
بعد التحلل، يتوجه الحجاج إلى المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة، وهو ركن أساسي من الحج، ثم السعي بين الصفا والمروة. بمجرد الانتهاء من هذه المناسك، يعتبر الحاج قد أكمل معظم أركان الحج.
اليوم الرابع: الحادي عشر من ذي الحجة (أيام التشريق)
يبدأ يوم التشريق الأول برمي الجمرات الثلاث: الصغرى، الوسطى، والكبرى، باستخدام الحصى التي يجمعها الحجاج من مزدلفة. يقوم الحجاج برمي سبع حصوات عند كل جمرة، ويفضل أن يتبع الرمي بالدعاء والذكر.
بعد الانتهاء من الرمي، يعود الحجاج إلى منى لقضاء الليل. تعد أيام التشريق أياما مباركة، حيث يواصل الحجاج أداء العبادات والاستغفار والتأمل.
اليوم الخامس: الثاني عشر من ذي الحجة (يوم التشريق الثاني)
في هذا اليوم، يكرر الحجاج رمي الجمرات الثلاث كما فعلوا في اليوم السابق. يمكن للحجاج الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم مبكرا مغادرة منى بعد إتمام الرمي في هذا اليوم، ويُسمى هذا بالتعجل. ولكن على من يتعجل أن يغادر منى قبل غروب الشمس.
أما من اختاروا البقاء، فيقضون الليلة مرة أخرى في منى استعدادا ليوم التشريق الثالث.
اليوم السادس: الثالث عشر من ذي الحجة (يوم التشريق الثالث)
يوم التشريق الثالث هو آخر أيام الرمي في منى، حيث يقوم الحجاج برمي الجمرات الثلاث للمرة الأخيرة. بعد ذلك، يغادر الحجاج منى متوجهين إلى مكة، ليختتموا حجهم بطواف الوداع، الذي يعد آخر واجب على الحاج قبل مغادرته مكة. يشعر طواف الوداع الحجاج بالختم الروحاني لهذه الرحلة المقدسة، حيث يودعون بيت الله الحرام ويطلبون منه القبول والمغفرة.
رحلة الحج تتطلب تخطيطا دقيقا وفهما لكل مرحلة لضمان سيرها بسلاسة. يحتاج الحاج لمعرفة تفاصيل المناسك مثل الإحرام والطواف ورمي الجمرات، بالإضافة إلى التحضيرات اللوجستية كوسيلة النقل والإقامة والالتزام بالقوانين الصحية. إلى جانب ذلك، يلعب الإعداد النفسي دورا مهمًا لمواجهة تحديات الزحام والطقس والمسافات. التخطيط الجيد يساعد الحاج على التركيز على الجوانب الروحانية وتجنب القلق حول الأمور التنظيمية.